عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-15-2011, 08:44 PM
أبو عبيدة إبراهيم الأثري أبو عبيدة إبراهيم الأثري غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 390
شكراً: 1
تم شكره 24 مرة في 21 مشاركة
افتراضي

بعض صفاته :
لكل إنسان صفات خُلقية وخلْقية تميزه عن غيره ، وتنعكس على شخصيته وأعماله ، والشيخ عبد الله القرعاوي - رحمه الله - بانت عليه صفات عديدة تميزه عن غيره ، فمحرر مجلة المنهل عندما قابله لإجراء الحديث عن مدارس الجنوب التي أسس بعد انتقاله إلى هناك . وكان اللقاء مع المجلة ضحوة يوم الجمعة الموافق 17 / 4 / 1367 هـ ، وصفه قائلاً : هو رجل متواضع ، بشوش ، ربعة ، أصفر اللون ، مستطيل الوجه ، أقنى
(الجزء رقم : 42، الصفحة رقم: 292)
الأنف ، ناتئ الجبهة ، أزج الحواجب ، أقرنهما غير واسع العينين ، في أوائل العقد السابع من العمر ، وقد خط الشيب فوديه ولحيته ، وهو دائب الحركة ، خفيف نشط ، وتبدو في ملامحه أمارات الرضا والغبطة .
وعن تواضعه قال : وقد تحدث إلينا فقال : إنه مع شيبته كان لا يستنكف في تلقي دروس الحساب والخط مع صغار التلاميذ في مدرسة الأستاذ إبراهيم حلواني في مكة المشرفة .
ومثلما ارتسمت ملامحه لدى محرر مجلة المنهل ، فكذلك نجد جوانب أخرى من صفاته لدى الكاتبين عنه ، وكلهم ممن عرفه عن كثب . .
فالشيخ عبد الله البسام قد أجمل صفاته بقوله : وكان آمرا بالمعروف ، ناهيا عن المنكر ، يصدع بالحق ولا تأخذه في الله لومة لائم ، وكان يتجول في أسواق عنيزة وشوارعها لهذه الغاية ، فلا يرى متخلفا عن الجماعة في المسجد ، أو امرأة لابسة شيئا من زينتها ، إلا علاه بعصاه ، وزجره بلسانه ، حتى صار له هيبة وسطوة ، يحذره منها الكسالى والمتهاونون ، وفي عدة مرات يفتح مكتبا لتعليم الأطفال القرآن الكريم ، والكتابة والحساب مجانا لوجه الله تعالى ، كما يوجه الكبار منهم إلى مبادئ العلوم ، وأنا كنت من الأطفال الصغار الذين دخلوا في كتّابه - رحمه الله تعالى - فكان لا يأذن لنا بالخروج حتى نؤدي الصلاة في أوقاتها ، وهو يلاحظنا عن اللعب في الصلاة ، ثم يخرج بعد ذلك لأداء الصلاة في المسجد .
أما الشيخ محمد القاضي في ترجمته لحياته ، فقد وصفه بصفات عديدة ، منها قوله : العالم الجليل ، والمرشد المصلح النبيل ، الصادع بكلمة الحق ، الورع الزاهد .

(الجزء رقم : 42، الصفحة رقم: 293)
كما وصفه برخامة الصوت ، والتجويد لكتاب الله ، والبر بوالدته ، وحب الإصلاح بين الناس ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي عام 1386هـ فقد بصره ، وضعفت قواه ، وأرهقته الشيخوخة .
ولعل أوسع من تناول صفات الشيخ عبد الله القرعاوي بالتفصيل تلميذه موسى السهلي ، فقد تحدث في مؤلفه عنه أكثر مما تحدث من ألف قبله ، حيث جمع بين النقل عن المصادر التي اطلع عليها ، والمعاصرة للشيخ باعتباره من أخص تلاميذه الأوائل الملازمين له ، فكان له مع مخالطة الشيخ عن كثب ومعرفة الشيء الكثير عن طبيعة نفسه ، مجال للأخذ منه مشافهة ، مع الاطلاع على أمور دقيقة ، من حركاته وسكناته ، ولكون الشيخ موسى من خواص أوائل طلاب الشيخ القرعاوي ، الذين يصاحبهم في التنقل في المنطقة : دعوة وتدريسا ، ومعلوم أن السفر من الأوضاع التي تبرز فيها بواطن النفس ، وخصائص الأعمال ؛ لأن الإنسان ينطلق على سجيته ، ولذا نرى الشيخ موسى ، قد وزّع ملامح الشيخ القرعاوي وسماته إلى ثلاث حالات ، حيث قال :
صفاته الخِلْقية : رحم الله الشيخ القرعاوي ، فقد جمع الله له من الصفات الخلقية ، ما جعله أهلا للدعوة إلى الله ، والقيام بالتعليم في هذه البلاد وفي غيرها . فقد كان - رحمه الله - ربعة بين الرجال ، عريض المنكين ، قوي البنية ، أصفر اللون ، مستطيل الوجه ، أقنى الأنف ، كث اللحية ، خفيف العارضين ، ناتئ الجبهة ، أزج الحاجبين أقرنهما ، ضيق العينين ، ولم يكن حاد البصر ، لرمد أصابة وأحدث في عينيه بياضا ، جهوري الصوت ، وقورا ، له هيبة
(الجزء رقم : 42، الصفحة رقم: 294)
في المجالس ، دؤوبا على عمله ، يتمتع بمكانة سامقة بين طلابه وذويه ، وكان - رحمه الله - ذكيا ، حاضر البديهة ، بعيد النظر ، له فراسة قوية ، كثير المبادرة إلى سبل الخير ، يغضب للحق ، ويعيش من أجله ، إذا ذكرته بالله ، ارتعدت فرائصه ، شديد الغيرة على محارم الله - عز وجل ، وكان أبي النفس ، لا يقبل الضيم ، وفي الوقت نفسه كان حليما ، لين الجانب ، يحب الصغار ، ويعطف على المساكين والعجزة من القوم ، لا يفتأ يذكر الله في السر والعلن ، في الفرح والحزن ، كان يتأسى كثيرا بالمصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي جعله الله أسوة حسنة لكل مسلم .
2 - تواضعه : حقا كان شيخنا - رحمه الله - يتسم بالحلم والوقار ، والتواضع الجم ، وقد حدثنا عن نفسه : أنه كان مع شيبته لا يستنكف من تلقي دروس الحساب والخط مع صغار التلاميذ في مدرسة الأستاذ إبراهيم حلواني بمكة المشرفة ، وذلك غاية النبل ، وقمة التواضع ، عندما يجلس هذا العالم ليتزود بما ليس لديه من العلم النافع على يد أربابه .
3 - حرصه على العبادة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : منذ فترة باكرة ، وهذا الرجل يحب أمور الخير ، يقول الشيخ عبد الله البسام . . . ثم ذكر بعضا من صفاته التي ذكرناها هنا عن ابن بسام ، وبعد ذلك أردف قائلا : ناهيك عما قام به من أعمال في الجنوب ، مما سنتحدث عنه بتوسع - إن شاء الله - وقد جعل الشيخ موسى القسمين الرابع
(الجزء رقم : 42، الصفحة رقم: 295)
والخامس من ص22 إلى ص55 لعمل الشيخ في الدعوة بالجنوب التهامي وعسير وما حولها .
وقد زودني الأخ الشيخ محمد القرعاوي - ابن الشيخ المترجم له - بنسخة مصورة عن مخطوطة من إعداد الشيخ عمر أحمد جردي مدخلي عن سيرة الشيخ القرعاوي وعمله في المنطقة ، بدأها منذ طلب منه في عام 1389هـ أن يكتب عن الشيخ ثم بعد التأكيد في عام 1392هـ ، ويظهر مما وصلني أنه لم ينته من التأليف بعد . . ومما جاء في هذا المخطوط من صفات الشيخ القرعاوي قوله :
مربوع القامة ، أبيض اللون ، يميل إلى الحمرة ، قوي البنية ، نشيط في جسمه ، قوي في بدنه ، لا يستطيع أحد من طلابه في ذلك الوقت أن يقوم بما يقوم به من نشاط علمي وعملي ، كث اللحية ، أعطاه الله من الذكاء والفراسة ما لم يعط أحدا في زمانه .
داعيا إلى الله بالحكمة واللين والرفق ، عالما ورعا ، زاهدا مخلصا ، صابرا محتسبا في دعوته إلى الله تعالى ، وكان - رحمه الله - سلفي العقيدة : عقيدة أهل السنة والجماعة ، أما الفروع فلا يتقيد فيها بمذهب من المذاهب الأربعة فقد كان مذهبه مذهب السلف الصالح ، إذا صح الحديث فهو مذهبه ، وكان يقوم الليل مع كثرة متاعبه طيلة النهار بالتدريس ، وجزء من الليل ، وكان ينام مرة على الحصير بالمسجد ، ومرة عند القاضي الشيخ : إبراهيم المحمد العمود من أهل عنيزة ، وكان يحب المساكين ويكرمهم ، وكان
(الجزء رقم : 42، الصفحة رقم: 296)
يعطف على الأرامل والأيتام ويواسيهم ، وكان يحب طلبة العلم حبا لله ، وفي الله ، وقد لقي من المتاعب والمكائد والحسد ما الله به عليم ، لكنه - رحمه الله - قابله بالصبر والاحتساب .
وفي مواصلته الحديث عن الشيخ القرعاوي ، حسب معرفته الشخصية يقول : وفي الأعوام الأخيرة قام ببناء المساجد في جهات متعددة من جوامع وغيرها كثير ، لا أستطيع حصرها ، ولقد حفر آبارا كثيرة للشرب ، وقد بذل جهدا كبيرا بالشفاعة عند الحكومة لتوظيف بعض الطلبة ، ومشايخ القبائل ، فاجتمعت في هذه المنطقة بفضل الله ثم بأسبابه نعمة الدين والدنيا معا ، وكان محسنا كبيرا كريما ، ويحب أهل الكرم ، وقد أوصى بثلث ماله عند موته في المشاريع الخيرية ، في بناء المساجد ، وحفر الآبار ، وغيرها من أعمال الخير ، والحمد لله قد نفذ من الثلث الشيء الكثير ، وذلك من حسن نيته - رحمه الله - وحسن تدبير وصيّه ولده الأكبر الشيخ محمد - حفظه الله ، وكثّر أمثاله من الأولاد الأبرار الأتقياء
رد مع اقتباس