استحباب الدعاء بـ يا ذا الجلال والإكرام.
عن ربيعة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ألِظّوا بـ يا ذا الجلال والإكرام"
رواه الإمام أحمد، والبخاري في التاريخ، والنسائي في الكبرى والحاكم وغيرهم وسنده صحيح. [الصحيحة للإمام الألباني رحمه الله:1536].
ومعناه: الزموا هذا الذكر، وأكثروا منه في دعائكم، وآمنوا بأن الله ذو الجلال والإكرام.
و "ذو الجلال والإكرام" من أسماء الله المركبة تركيبا إضافياً، وهي معتمدة على الصحيح، خلافا لمن قعد قاعدة أن الأسماء لا تؤخذ فيما أضيف بعد "ذو".
قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27]، وقال عزّ مِن قائل: { تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } [الرحمن: 78].
وذهب أكثر العلماء إلى أن الجليل من أسماء الله عز وجل، وهو مأخوذ من الآيتين والحديث.
ولم أجد في الصحابة من اسمه عبدالجليل، ولكن ذكر في الصحابيات: جليلة بنت عبدالجليل، والسند إليها لا يصح.
ولم أجد تابعيا اسمه عبدالجليل، لكن وجدت من التابعين من سمى ولده عبدالجليل مثل توبة العنبري وعطية القيسي وحميد اليحصبي وغيرهم.
ومعناه:
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى في تفسير اسم الجليل واسم الكبير: "الجليل الكبير الذي له أوصاف الجلال؛ أوصاف العظمة، والكبرياء ثابتة محققة لا يفوته منها وصف جلال وكمال.
وهو الموصوف بصفات المجد، والكبرياء، والعظمة، والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجلُّ وأعلى، وله التَّعظيم، والإجلال في قلوب أوليائه وأصفيائه، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه، وإجلاله، والخضوع له، والتذلل لكبريائه".
ومن أسماء الله: الكريم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}.
وقال عز وجل: {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].
وأجمع العلماء على أن الكريم من أسماء الله.
ومن أسماء الله: الأكرم.
قال تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } [العلق: 3].
و كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذا سعى في بطن الوادي قال: «رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم» رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح. [مناسك الحج والعمرة للشيخ الألباني رحمه الله].
وثبت عن ابن عمر رضي الله عنه أيضاً.
ومعنى اسم الله الكريم:
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى: الرحمنُ، الرحيمُ، والبرُ، الكريمُ، الجوادُ، الرؤوفُ، الوهابُ - هذه الأسماء تتقارب معانيها، وتدلّ كلُّها على اتصاف الرب، بالرحمة، والبر، والجود، والكرم، وعلى سعة رحمته ومواهبه التي عمَّ بها جميع الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته. وخصَّ المؤمنين منها، بالنصيب الأوفر، والحظ الأكمل، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} الآية. والنعم والإحسان، كله من آثار رحمته، وجوده، وكرمه. وخيرات الدنيا والآخرة، كلها من آثار رحمته. وقال ابن تيمية رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، سمّى ووصف نفسه بالكرم، وبأنه الأكرم بعد إخباره أنه خلق ليتبين أنه ينعم على المخلوقين ويوصلهم إلى الغايات المحمودة كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}، {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}، فالخلق يتضمن الابتداء والكرم تضمن الانتهاء. كما قال في سورة الفاتحة: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ثم قال: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}، ولفظ الكرم جامع للمحاسن والمحامد لا يراد به مجرد الإعطاء بل الإعطاء من تمام معناه؛ فإن الإحسان إلى الغير تمام والمحاسن والكرم كثرة الخير ويسرته ... والله سبحانه أخبر أنه الأكرم بصيغة التفضيل والتعريف لها. فدل على أنه الأكرم وحده بخلاف ما لو قال: ((وربك الأكرم)) فإنه لا يدل على الحصر. وقوله: {الأَكْرَمُ} يدل على الحصر، ولم يقل: ((الأكرم من كذا)) بل أطلق الاسم، ليبين أنه الأكرم مطلقاً غير مقيّد، فدلّ على أنه متصف بغاية الكرم الذي لا شيء فوقه ولا نقص فيه".
فيا ذا الجلال والإكرام وفقنا لما تحب وترضى، وثبتنا على الإسلام والسنة حتى نلقاك.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
3/ 4/ 1439 هـ